ما مدى مساهمة الوسائط المتصلة بالانترنت في التربية؟


منذ القدم والجنس البشري مترابط ببعضه البعض ويحاول الإنسان بشتى الطرق خلق الروابط الإجتماعية، فالتواصل البشري هو حاجة أساسية للبقاء. الناس دائماً يتواصلون مع بعضهم وجهاً لوجه. لكن هذا التواصل تطور عندما قام الإنسان باختراع اللغة، ومن ثم وسائل للنقل، وبعد ذلك وسائل التواصل والإتصال، كل ذلك بهدف تسهيل بناء الصلات الإجتماعية

لقد تخيل الإنسان بأن باستطاعته إختراع ما يمكّنه من مشاركة كل معارفه مع كل سكان المعمورة. فظهر اختراع العصر، ألا وهو الإنترنت. الآن أصبح الإنترنت كون واسع بحد ذاته و بعدد هائل من المعطيات يصل الى الزيتابايت . كون يختزن المعلومات ويتيح للجميع الوصل اليها، معرفتها، ترجمتها ومشاركتها.
إن الإنترنت والشاشات الرقمية تتداخل ببعضها لتخلق أفكار خصبة. فالأجهزة الرقمية المتصلة بالانترنت تقدّم الدعم المعرفي لمجال الوعي البشري أو النوسفير هذا المجال الذي وصفه الفيلسوف الفرنسي ببيير تيلار دي شاردان بأنه ترابط كل المعارف الإنسانية في الكون خلال الوقت

أدوات قابلة للشحن

بفضل القطع الإلكترونية الصغيرة، أدوات متعددة اصبحت "تواصلية". هذا وبالأخص من خلال الرقاقات الإلكترونية الصغيرة المتصلة بهوائيات والتي تستطيع إرسال وتلقي موجات راديو، فتتيح للأجهزة الإلكترونية استقبال وإرسال ومشاركة المعلومات. هذا RFID.هو مبدأ تكنولوجيا " تمييز ترددات الراديو" ذات الإختصار
إن المعلومات من الآن فصاعداً متصلة بأجهزة متنوعة قادرة على القيام بوظائف متنوعة: عدّادات تقيس الوقت، الضغط، الحرارة، الإضاءة، المسافة والألوان. كلّ ما يراه الإنسان ويلمسه من الممكن وصله بعدّاد أو جهاز استشعار. وكل جهاز يستطيع أن يبعث له المعلومات بالمقابل. لذلك هذه الأجهزة تسمى بالذكية لكن بالحقيقة لا تقوم إلا بتحفيز الذكاء البشري
الهاتف الذكي هو أحد الأجهزة الغنية بالخيارات، قريباً سيبلغ عدد الهواتف الذكية حوالي 18 مليار هاتف متصل بالأنترنت، وهذا الرقم مستمر بالإرتفاع. إن التواصل والتوافقية بين الأجهزة أضحى شائعاً محولا كل جهاز ليس محول فحسب بل نقطة اتصال مع العالم الخارجي. تحت أعيننا تُرسم شبكة عظيمة من الأجهزة المتصلة أو ما يسمى بأنترنت الأشياء مشكّلة تكتلات غير محدودة سوف يتم إستكشافها شيئاً فشيئاً
من بين الملايين من تلك الأجهزة المتصلة بالأنترنت المسماة بالأجهزة الذكية يحتل الهاتف الذكي المرتبة الأولى. وإن كانت تأثيرات الأجهزة المتصلة بالأنترنت على السلوك الإنساني ملحوظة بالرغم من أنها ضعيفة التوثيق، فلقد أثبتت أهميتها في مجالات عديدة
  1. في عالم الصحة، تسمح الهواتف الذكية بالمراقبة الذاتية للصحة، إشراف ذاتي لحظة بلحظة، فهناك الأساور الإلكترونية التي تلتقط نبضنا، أو القمصان التي تسجل دقات قلوبنا، رقائق إلكترونية مزروعة في هواتفنا الذكية تقوم بحساب الجهد الذي نبذله ومن ثم تستنتج الوحدات الحرارية المستهلكة، حتى مستوى السكر في الدم لم يعد بإستطاعته الهروب من تأهب تلك الأجهزة الإلكترونية.
  2. في عالم الأمن، إن كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة في عالم الأمن، إن كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة موضوعة ضمن شبكة ومرتبطة ببرامج الكشف عن السلوك تتوقع السلوكيات الممنوعة
  3. في عالم الصناعة أو الخدمات اللوجستية إن أجهزة الإستشعار المركّبة على الطرود تسمح بتتبع عمليات التسليم طول طريق النقل أجهزة استشعار الكترونية تتأكد من قدرة تحمل القطع وتصدر إنذار قبل الكسر
  4. في العالم المنزلي، أو الأتمتة، معظم وظائف البيت تأثرت بالتطور التكنولوجي، بدءاً من مؤشر الحرارة، مروراً بالإضاءة المنزلية، وصولاً الى مراقبة تواريخ انتهاء المنتجات في البرادات الذكية. دون نسيان أجهزة التلفزة التي تصبح أكثر فأكثر تواصلية، أو حتى الوسائد التي تراقب وتقييم نوعية نومنا
إن تعددية وتنوع الأجهزة المتصلة ساعدت على تحسين نوعية الرياضة، الصحة وتسهيل الحياة المنزلية، أو حتى لدمج الواقع بالعالم الإفتراضي. لكن هل هذه الأجهزة ذات فائة في مجال التربية؟
ماذا يحدث في التربية؟
تأثرت التربية في الرغبة بتحويل أي شيء الى وسائط معرفية، لزيادة القدرة على التبادل والتصوّر
  • إنّ الهواتف المحمولة أصبح موسوعات محمولة، وسائط ذكاء صناعي، أدوات تسمح بمشاهدة العالم، أصبحت مدخل للتواصل مع خبراء (برنامج تعليمي، مدونة أو حتى إتصال ). فهي تشارك بالتعلم الآلي وتتحول أكثر فأكثر إلى أدة تحكم بالحياة عن بعد
  • إن الأجهزة اللوحية الرقمية وملايين التطبيقات التي تعنى معظمها بالتربية سهلت العمل التعاوني ، الأبحاث ومعالجة المعلومات
  • مصحّحات الأخطاء الإملائية التي تهتز عند الكشف عن خطأ إملائي
  • لألواح التفاعلية التي أدت الى إعادة النظر في طرق عرض الدروس والمواد التعليمية. حتى أصبحت كل مادة معرضة لإعادة النظر فيها
  • الطاولات التفاعلية التي تساعد على فهم وتمرس المفاهيم الهندسية
  • جهاز الوجود المتلفز، تجربة فريدة من النقل المتلفز تسمح للطالب بأن لا يفوت الحصص التعليمية عند مروره بعارض صحي مثل كسر احدى الأرجل، أو تسمح للمعلم أن يشارك تجارب من الصعب نقلها الى الغرفة الصفية
  • شاشات العرض المتنقلة قادرة على عرض الصور على كل المساحات محوّلة بذلك أي حائط الى غرفة صفية
  • مستشعرات الحركات القادرة على تشغيل التطبيقات الإلكترونية والتحكم بالبيئة المحيطة
  • كاشفات الحركة مع كنيكت أو في إطار الأجهزة المتصلة لكي تبني نفسها مثل ليغو ايدوكايشن
  • الطائرات الزنانة المرفقة بكاميرات وتتيح مراقبة الطلاب أثناء الإمتحانات حيث تم استخدامها في الصين لهذا الهدف
هذه الوسائط التربوية يتم تدارسها كلّ على حدى. فالتي عُرفت مؤخراً انتشرت في مجال التربية والتعليم. لكن الوسائط ذات الخيارات المختلفة المكتشفة حديثاً أو حتى الوسائط المدمجة لتأدية مهام مختلفة مازالت نادرة في حقل التربية
لقد ميز برونو دو فوشيل ثلاثة أنواع من الوسائط: الوسائط التي يتم استخدامها بشكل مستقل، الأجهزة المتصلة بالانترنت باستمرار، الوسائط ذات القدرة الكبيرة على التفاعل.
إن الإمكانيات عديدة ومتنوعة لكن النجاح بتسخير التكنولوجيا في التعليم والتربية هو الأصعب. بالرغم من أن عدد الأجهزة المتصلة بالإنترنت مستمر بالإرتفاع، فالإنخراط في الإنترنت والتفاعل بين أجهزة متعددة هو القلب النابض للإستكشاف الحالي، مثال على ذلك إتصال العديد من الأجهزة اللوحية مع اللوح التفاعلي. إن تجربة نشر المعرفة على الوسائط الإعلامية أصبحت أكثر فأكثر متستخدمة تدريجيا مع زيادة الروابط مع العالم
إن البعد التعاوني في مدرسة المستقبل يتطور مع الرقمية. فدور المعلم أصبح لا يعتمد على نقل المعرفة بالكلام فقط. بل تعدى ليصبح
مسهّل للتواصل والتفاعل مع الانترنت مع الضبط والمراقبة . يتوقع الباحثون ظهور أنظمة تعلّم بيئية مهجّنة أكثر فأكثر، منتشرة، متعددة الوسائط وفي كل مكان. بطريقة أخرى التعلم سوف يصبح أينما كان بطرق مختلفة
وبدأت العديد من المبادرات الإلكترونية تُرتسم بهدف ممارسات التعلم الجيدة. في الواقع، إن الإتصال المستمر بالإنترنت يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات في الاهتمام، والاعتماد على الانترنت ، واحساس الطالب بالضعف والإرتباك عند الطلب منه تفسير معلومة بدون توفر هاتفه بيده. ويجري حالياً إنشاء أنظمة إيكولوجية لتخيل هذه العوالم جديدة المتصلة مثل ظهور مدينة الأشياء المتصلة في أنجيه، وهي مساحة فريدة من نوعها في أوروبا مخصصة لإنشاء منتجات صناعية جديدة


المصدر مجلة كورسوس الفرنسية

تعليقات